عرفنا سابقا بان المناخ هو الطابع الجوي السائد و المعتاد في منطقة محدودة من سطح الأرض خلال فترة زمنية معينة تتراوح عادة ما بين سنة و 25 سنة و حيث يتشكل الطابع الجوي هذا من الحرارة والضغط الجوي و الرياح و التساقط ,ثم ينشأ من تفاعلها المظهر المناخي مع العلم أن كل عنصر من هذه العناصر يلعب دورا معينا.
الحرارة4
تعتبر الحرارة من أهم العناصر المشكلة للمناخ و ذلك لارتباطها بالعناصر الأخرى ارتباطا وثيقا بشكل مباشر أو غير مباشر إذ تنشأ عن طاقة الإسطاع الشمسي التي تولده أشعة الشمس المخترقة للغلاف الغازي للأرض وتكون بذلك الموزع الأساسي للحياة على الأرض ومصدر الحرارة الرئيسي للإنبات و إذا كان باطن الأرض حارا فإن حرارته لا تصل إلى سطح الأرض إلا في مواقع محدودة كمناطق العيوب القشرية للأرض في قاع المحيطات أو محيط مناطق النشاط البركاني و مع ذلك فإن تأثير حرارة باطن الأرض على نمو الحياة العامة فوق سطحها يكاد لا يذكر بالنسبة للحرارة المستمدة من أشعة الشمس والتي بدورها لا نستقبل منها إلا قدرا ضئيلا جدا نظرا لبنية الغلاف الغازي الذي سبق ذكره إذ لا يصل إلى سطح الأرض إلا جزءا صغيرا من حرارة أشعة الشمس المنبعثة نحو الأرض (الشكل
[img][/img][img][/img][img][/img][img][/img][img][/img][img][/img]
لإشعاع الشمسي للكرة الأرضية4
إن حرارة سطح الأرض بما في ذلك اليابسة والمحيطات والغلاف الهوائي مرتبطة بعدد كبير من العمليات المتحكمة في النظام الداخلي للمناخ على خلاف ما يحدث خارج الغلاف الغازي للكرة الأرضية حيثما تنتقل الحرارة بمجرد وجود الإشع
يخضع قانون انتقال الحرارة من الشمس إلى الأرض لعمليات فيزيائية و كيميائية أصبحت اليوم مضبوطة نوعا ما و ذلك تبعا للحواجز التي تعترضها طول المسار إذ يمتص الغلاف الغازي للكرة الأرضية 15 % من أشعة الشمس الحرارية الواردة إليه بعد أن تنعكس على سطحه الخارجي حوالي 40 % من تلك الأشعة الشمسية ثم يلي ذلك تعرض أشعة الشمس إلى عملية انعكاس ثانية لأشعتها فوق السطح الحقيقي للأرض بمعدل 10 % مما وصل أي أن حوالي 65 % منها يندثر قبل النفوذ في أديم الأرض بفعل الامتصاص و الانعكاس مما يجعل الحصيلة الطاقوية للأرض مرتبطة بحصيلتها الإشعاعية و لذلك نجد النظام المناخي للأرض يعمل بآلية الامتصاص أي :
أولا- بتحويل حوالي 70 % من الإشعاع الشمسي الوارد للأرض إلى حرارة أو طاقة ( خاصة بالنسبة للأمواج الضوئية القصيرة ذات الطول المتراوح ما بين 0.3 إلى 4 مم).
ثانيا- بإعادة انعكاس أوبت هذه الطاقة نحو الفضاء في شكل إشعاع حراري من النوع ما دون الأحمر المحصور ما بين الأمواج الطويلة المتراوحة بين 4 و 100 مم.
والجدير بالذكر أن متوسط الحصيلة السنوية للطاقة الحرارية على مستوى سطح الأرض ضئيل جدا إلا أنه على المستوى الإقليمي يسجل حركية ما بين النقص و الزيادة و يعتبر المؤشر الحقيقي لقدرة امتصاص أو انعكاس الطاقة في النظام المناخي.
ويمكن القول أن سطح الأرض يمتص جزء من الأشعة بينما تشع معظمها في الغلاف الجوي و يعرف هذا الإشعاع بالإشعاع الأرضي و يرتد باقي أشعة الشمس الحرارية الى الفضاء الخارجي و بذلك يستمد الجو معظم حرارته من الإشعاع الأرضي و جزء قليل من الإشعاع الشمسي.
و يختلف الإشعاع الشمسي عن الإشعاع الأرضي في أن الأول يحمل الضوء بينما الثاني أشعته مظلمة , كما أن الإشعاع الشمسي يبدأ مع الشروق وينتهي عند غروب الشمسي أما الإشعاع الأرضي فإنه يستمر طول اليوم .
2-1 العوامل المؤثرة في الحرارة4
تختلف درجة الحرارة من جهة لأخرى على سطح الأرض نتيجة لعدة عوامل من أهمها :
1- الموقع الفلكي:
و هو موقع المكان بالنسبة لدرجات العرض, فكلما اتجهنا شمال و جنوب خط الاستواء انخفضت درجة الحرارة .
2- اختلاف طول الليل والنهار من فصل لآخر:
ففي فصل الصيف يطول النهار عن الليل وبذلك تطول الفترة التي يتعرض فيها الغلاف الغازي و سطح الأرض لأشعة الشمس و يحدث العكس في فصل الشتاء , و لذلك نجد أن متوسط حرارة الصيف أعلى من الشتاء .
3- الغطاء النباتي:
و يقلل هذا الغطاء من اكتساب الأرض للحرارة و بالتالي يقلل من إشعاعها الحراري , و لذلك نجد المناطق المغطاة بالنباتات ألطف حرارة من المناطق الجرداء في الجهات الحارة.
4- موقع المكان بالنسبة للمسطحات المائية:
فالمناطق الساحلية تمتاز بمناخها البحري الذي يقل فيه الفرق بين حرارة الصيف و الشتاء بعكس المناطق الداخلية فإنها تمتاز بمناخها القاري الذي يعظم فيه الفرق بين حرارة الصيف والشتاء كما هو الحال في مدينتي الجزائر العاصمة و تمنراست .
التضاريس:
فالمناطق الجبلية درجة حرارتها أقل من المناطق السهلية الواقعة معها على نفس درجات العرض , كما أن السفوح الجبلية الواجهة للشمس أعلى حرارة من السفوح التي لا تواجهها.
التيارات البحرية:
تعمل التيارات البحرية الدافئة على رفع درجة حرارة المناطق الساحلية المارة بجوارها و العكس صحيح بالنسبة للتيارات الباردة.
1- 3 قياس درجة الحرارة 4
تقاس درجة حرارة أي مكان على سطح الأرض بالترمومتر , و توجد ترمومترات خاصة لتسجيل أقصى درجات الحرارة ( النهاية العظمى ) و أدناها ( النهاية الصغرى ) و كذلك بواسطة الترموغراف ش و يشترط في القياس أن يكون في الظل و في الهواء الطلق.
و قياس درجة الحرارة – غالبا – إما أن يكون بالدرجات المئوية أو الفهرنهايتية , و الترمومتر المئوي مقسم إلى 100 قسم بادئا من السفر (درجة التجمد) و منتهيا بالمائة (درجة الغليان) أما الترمومتر الفهرنهايتي فإن درجة التجمد فيه تعادل (32 درجة فهرنهايتية) و درجة الغليان تعادل (213 درجة فهرنهايتية) , أي أن 180 درجة فهرنهايتية تعادل 100 درجة مئوية و بذلك نجد أن الدرجة المئوية تساوي 180/100=1.8 فهرنهيت.
متوسطات درجة الحرارة:
تقاس درجة الحرارة عادة ثلاث مرات يوميا و أوقاتها : الثامنة صباحا , و الثانية بعد الظهر , و الثامنة مساء , ويؤخذ متوسط الثلاث قراءات و بذلك نحصل على المتوسط اليومي لدرجة الحرارة , وتحصل بعض الدول على هذا المتوسط من جمع الدرجات التي يسجلها الترمومتر للنهاية العظمى والدرجة التي يسجلها الترمومتر للنهاية الصغرى ثم يقسم حاصل الجمع على اثنين .
المتوسط الشهري للحرارة هو مجموع المتوسطات اليومية لأيام الشهر مقسوما على عدد أيامه. أما المتوسط السنوي للحرارة فإننا نحصل عليه من جمع المتوسطات الشهرية و تقسيمها على عدد شهور السنة (12) و لا يكفي في دراسة المناخ معرفة المتوسطات السنوية فقد تتقارب بعض الأماكن في المتوسط السنوي لدرجة حرارتها مع أن كلا منها يسوده نوع مناخي يختلف عن الآخر , و لذلك فإنه عند دراسة مناخ أي جهة لا بد من معرفة المدى الحراري السنوي لها لأنه يوضح الاختلافات في درجة الحرارة بين فصول السنة.
المدى الحراري:
و هو الفرق بين أعلى درجات الحرارة و أدناها لأي مكان على سطح الأرض , و هذا المدى إما أن يكون يوميا أو شهريا أو سنويا.
المدى الحراري اليومي: وهو الفرق بين أعلى و أدنى درجة حرارة سجلت خلال اليوم.
المدى الحراري الشهري: وهو الفرق بين أعلى و أدنى متوسط درجات الحرارة التي سجلت خلال أيام الشهر.
المدى الحراري السنوي: و هو الفرق بين أعلى و أدنى شهور السنة حرارة.
1-4 خطوط الحرارة المتساوية 4
بعد قياس درجات الحرارة و معرفة متوسطاتها اليومية و الشهرية و السنوية كان لا بد من توزيع هذه المتوسطات على خرائط حتى يتسنى لدارس الجغرافيا المناخية استخلاص الحقائق العامة من هذه التوزيعات و من هنا ظهرت طريقة رسم خطوط الحرارة المتساوية , و هي خطوط ترسم على الخرائط لتصل بين الأماكن ذات الحرارة المتساوية و يراعى ما يأتي في رسمها.
1. تعديل درجات الحرارة بالنسبة لمستوى سطح البحر ومعنى ذلك استبعاد أثر التضاريس و اعتبار الأماكن التي أخذت متوسطات درجة حرارتها عند مستوى سطح البحر , فإذا كانت حرارة مكان ما 10 درجات مئوية و ارتفاعه عن سطح البحر 1500 متر فإننا نضيف إلى درجة حرارته درجة واحدة مئوية لكل 150 متر تقريبا من الارتفاع, و بذلك تكون حرارة هذا المكان 20 درجة مئوية.
2. وضع متوسطات درجات الحرارة بعد تعديلها على الخرائط في الأماكن التي أخذت درجة حرارتها .
3. نصل بين الجهات التي تشترك في درجة حرارة واحدة بخط يعرف بخط الحرارة المتساوي لهذه الأماكن.
4. أن يكون الفرق بين خطوط الحرارة المتساوية ثابتا و نجده عادة في خرائط المناخ بـ 5 أو 10 درجات.
5. يعتمد دائما في دراسة المناخ على خرائط خطوط الحرارة المتساوية السنوية والثانوية و يمثلها شهر جانفي و الصيفي ويمثلها شهر جويلية.