[b]الجيومورفولوجيا
( Geomorphology )
قبل أن نعرف هذا العلم نعود إلى اصل الكلمة حيث أن كلمة جيومورفولوجيا Geomorphology تتكون من ثلاثة مقاطع يونانية تعني حرفيا علم أشكال سطح الأرض وهي:
Geo وتعني ارض,
وMorpho وتعني شكل,
وLogy وتعني علم.
وهذا المصطلح أمريكي ادخل لأول مرة من قبل مدرسة جغرافيا في أمريكا في أواخر القرن التاسع عشر وحتى أن هذا المصطلح هو الأقرب مع أن باحثين جغرافيين آخرين يفضلون كلمة Land forms ( أشكال الأرض ) , لان جيومورفولوجيا ربما تكون اقرب إلى الجيولوجيا .
وللتأكد من سعة انتشار التعريف الأول بين الباحثين نستعرض ما قدم من تعاريف كبار علماء الجغرافيا والجيولوجيا مثل:
بنك Penck , الذي وصفة بأنه يدرس أشكال الأرض من حيث النشأة والمظهر.
في حين أن فيلبسون Philipson قال انه دراسة سطح قشرة الأرض الصلبة.
ووصفة زولش بأنه علم أشكال الأرض من حيث دراسة مظهر الأرض الحالي والماضي والمستقبل.
ووضع ريشتهوفين تعريف يقول هو العلم الذي يحاول التعرف على الأشكال الأرضية من حيث تمييزها ووصفها وتوزيعها, ثم تجميعها في أقاليم أرضية, أي بشمولية اكثر هو علم أشكال قشرة الأرض والعوامل الطبيعية المنشئة ( المكونة ) لتلك الأشكال, وهنا يهمنا تجنب دور الإنسان وفعله وتأثيره في تشكيل وتعديل الأشكال الأرضية, أي أن هذا العلم هو علم تشكيل أشكال سطح الأرض.
وبناء على ما ذكره الباحثين اعلاة ومن خلال التطور لعلم الجيومورفولوجيا حديثا, نستطيع وضع تعريف شامل لهذا العلم, على انه هو ذلك العلم الذي يقوم :
بوصف مظاهر وأشكال سطح الأرض من حيث الارتفاع والانخفاض
والأصل والنشأة
والتكوين الجيولوجي,
ودراسة العمليات الجيومورفولوجية التي أسهمت في صياغة وتشكيل أشكال الأرض مثل الانجراف والتعرية والتجوية
واستخدام المعايير والمقاييس المختلفة بدقة, لقياس العمليات الجيومورفولوجية ومسح مظاهر الأرض للاستفادة منها في التنقيب عن الثروات المعدنية والطبيعية ومعالجة الأخطار الطبيعية المتعددة.
وبذلك فالجيومورفولوجيا ليست مجرد فرع من فروع الجغرافيا بل هي الفرع الأساسي لعلم الجغرافيا, حيث أن جميع الأحداث والظواهر الأخرى على سطح الأرض تتصل اتصال مباشر بسطح الأرض والذي يوضح هذه الظواهر هو البحث في الجيومورفولوجيا, فمثلا رغم وجود الغلاف الجوي والذي يحكمه قوانين خاصة إلا أن عناصره وظواهره المناخية مثل الحرارة والرياح والأمطار تتصل اتصال وثيق بالظواهر الجيومورفولوجيه, وكذلك النبات والحيوان يتأثر وهكذا.
ومن هنا فالجيومورفولوجيا كما قال العالم بنك هي جوهر الجغرافيا وروحها, لان الجيومورفولوجيا تدرس المجالات الطبيعية الثلاث للكرة الأرضية: وهي اليابس والغلاف الغازي والمحيطات. وبذلك تدرس الجيومورفولوجيا جميع معالم سطح الأرض, كبيرها وصغيرها من محيطات وقارات إلى جبال وتلال وأحواض ووديان وسواحل وغيرها. والهدف من ذلك هو التعرف على صيغها وظروف نشأتها والعوامل التي اشتركت في تشكيلها وتتبع مراحل تطورها.
وبهذا المعنى فان هذا العلم مبني على مجموعه هائلة من الحقائق, وهو علم حدي بين الجغرافيا والجيولوجيا, حتى أن تطور الجيومورفولوجيا جاء مع تطور الجيولوجيا, وان اكبر الجغرافيين الذين تخصصوا ودرسوا هذا العلم في أميركا وقدموا له الكثير هم متخصصين في الجيولوجيا, وخاصة العالم ويليام موريس ديفز (W.M Davis) وسوف نرى فيما بعد ما يعرف بالمدرسة الديفيزيه نسبه إلى هذا العالم في دراسة تطور أشكال سطح الأرض .
ويهتم علم الجيومورفولوجيا بنشأة وتطور الأشكال ألا رضيه,
أي بالبعد الزمني المتمثل في الرد على أسئلة تبدأ بـــ ( متى وكيف )
والتوزيع المكاني بكلمتي ( أين ولماذا )
حيث يتكون سطح الأرض في أي مكان من صور شتى ومختلفه, ولو
تتبعنا ساحل الخليج ركوبا بالطائرة من الشمال إلى الجنوب نرى ظواهر ارضية مختلفه, وعمل على تطوير هذه الظواهر عوامل وعمليات جيومورفولوجية مختلفه.
العامل الجيومورفولوجي هو الطاقة مثل المطر
والعملية هي الوسيلة مثل الانجراف بمختلف أشكاله
وكامثله على العوامل والعمليات نورد ما يلي:
1- السيل عندما يجري ويجيش على شكل مجاري ( عامل ) يجرف وينقل ويرسب (عمليه ).
2- الرياح ( عامل ) تعمل بدورها على نقل الرمال وتجميعها ( عمليه ).
3- أمواج البحر ( عامل ) تضرب وتنحت السواحل ( عمليه ) وتكون جروف صخرية.
وباختصار فانه عند النظر إلى أشكال الأرض والتي تبدوا على شكل حقائق بديهية فأنها لم تكن كذلك قبل فتره من الزمن, حيث انه حتى لو سألنا أحد العامة عن سر وجود الجبال مثلا وكيف ومتى نشاءت سنرى رد فعل معين, تطور هذا الرد من القدم من الأوهام والخرافات إلى حقائق العلم الذي نحن بصدد دراسته في هذه المادة بالتفصيل.
تطور علم الجيومورفولوجيا:
ركزت الدراسات القديمة على دراسة الزلازل والبراكين والتغيرات الساحلية والسهول الفيضيه والأنهار في دراسة تطور أشكال الأرض, وهكذا بدا التطور في العصور الوسطى والحديثة بأفكار غير مترابطة ووصفيه.
وكما ذكرنا أول من طور الجيومورفولوجيا هم المتخصصين بدراسة الجيولوجيا والمياه في القرنيين الثامن عشر والتاسع عشر, وظهرت ما يسمى بالنسقيه Uniformitanism والذي وضعها مجموعه من العلماء أهمهم شورلي Chorley وتستند هذه الفكرة إلى أن الحاضر في شكل الأرض هو مفتاح الماضي, وان التغيرات التي تعمل في الوقت الحاضر قد عملت أيضا خلال الازمنه الجيولوجية, وان التغيرات التي تحدث في أشكال سطح الأرض رغم أنها بطيئة فأنها بالواقع تكون فعاله, فعند توفر الوقت اللازم فان مظاهر سطح الأرض برمتها يمكن أن تنشا وتتلاشى مره ثانيه بواسطة قوى بطيئة العمل إلا أنها مستمره في هذا المجال, وهكذا كانت فكرة النسقيه تقدما واضحا على حساب الاعتقاد الخاطى بالحركات الفجائية Catastrophic والتي طغت عليها النسقيه , حيث انه من السهل الاعتقاد أن الفيضانات الشديدة التي تحدث بشكل نادر , تغير في وديان الأنهار اكثر مما يغيره جريان المياه بشكل اعتيادي في السنوات الواقعة بين فيضانين من هذا النوع .
ونتج عن دراسات العلماء نظريات هي التي ساهمت في تطور هذا العلم حديثا والتي كان أهمها هو العمل بخطوات تقوم على الملاحظة وتنظيم الملاحظات وتفسيرها واستخلاص النتائج ومقارنتها ببعضها البعض وخاصة العالم ديفز ) في دراسة ما يسمى بدورة التعرية على شكل مراحل متتابعة سميت بالدورة العادية ( Normal Cycle ) أو الدورة المائية. وانطلق العالم في تطويره لعلم الجيومورفولوجيا من خلال التأكيد على ثلاثة عوامل يعتمد عليها تكوين المظهر وهي:
أ – البنية Structure
ب – العملية process
جـ - الزمن Time
وأدت هذه الأمور إلى الوصول لما يسمى بالمعالجة الوراثية للتضاريس ( مثل عمر الكائن الحي مرورا بالشباب والنضج والشيخوخة ), وظهرت عدة مدارس جيومورفولوجية يمكن أن نذكر منها مدرسة الأفكار الحركية والمدرسة المناخية ومدرسة الارتباط, ولكن أقوى هذه المدارس هي مدرسة المناخ كأحد أهم العوامل في تحديد المظهر الأرضي. وتشير دراسات ديفيز إلى انه بحق من طور الجيومورفولوجيا الحديثة وتمكن من ابتداع مصطلحات علمية ذكية زود بها دراساته, مثل مقارنته للظواهر التي تحدث في منطقة معينة بمراحل عمر الكائن الحي مثل مرحلة الشباب والنضج والشيخوخة.
حيث أن الأشكال الأرضية الشابة هي الموجودة في منطقة تشكلت حديثا, أما الناضجة فهي الأشكال التي وصلت إلى التضاد بين الارتفاع والانخفاض وقد يوجد نضج مبكر أو نضج متأخر, أما الشيخوخة فهي وصول الأشكال إلى مرحلة لا تتلاشى فيها. وهكذا نلاحظ أن التطور سار من مرحلة الوصف أولا ثم الوصف الإيضاحي ( ديفز ) والتجريبي عن طريق التحليل المورفومتري ( معادلات زوايا الانحدار, والكثافة التصريفية وغيرها ), والمقياس المباشر مثل سرعة المياه في دفع الرواسب, والاختبار والذي يبقى صعب لصعوبة تتبع ظواهر الطبيعة في المختبر لذا يستعمل هذا الأسلوب للأمور البسيطة. أي أن الجيومورفولوجيا انتقلت من الوصف إلى التحليل في تطورها
مجال علم الجيومورفولوجيا:
ذكرنا أن أهم العلم يدرس أشكال وهيئات سطح الأرض, وبذلك فمجاله الأساسي هو دراسة قشرة الأرض والغلاف الصخري وقيعان المحيطات ( أو دراسة ما يسمى بالغلاف الصخري Lithosphere.
وكلمة Litho كلمة يونانية تعني صخر ونعني بها المواد المشكلة لقشرة الأرض والتي تتكون من مجموعة هائلة من المعادن. وينفرد هذا العلم بهذا المجال بحيث يقدم التصوير والتفسير الكامل لإشكال سطح الأرض للمتخصصين في الدراسات المختلفة عن طريق تطبيقات هذا العلم فيما يعرف بالجيومورفولوجيا التطبيقية ( التي تدرس في خطة قسم الجغرافيا / جامعة مؤته على شكل مادة اختيارية ). وكما قلنا فانه عندما انتقلنا من الوصف إلى التحليل في الجيومورفولوجيا فان نتائج التحليل أصبحت توفر اكثر من التطبيقات لهذا العام وذلك باستخدام المقاييس الدقيقة عن طريق الميدان مباشرة. أهم الجوانب التطبيقية للجيومورفولوجيا ما يلي:
1- الكشف عن الثروات الطبيعية وتطوير المساحات الزراعية والمعادن والغاز والصخور المفيدة.
2- دراسة أحواض الأنهار وبناء الخزانات والسدود المائية وتوليد الطاقة وكشف الموارد المائية السطحية والجوفية وصيانتها.
3- دراسة انجراف وتعرية التربة بالمياه والرياح ومعالجة هذه المشاكل.
4- تتبع تغير مجاري الأنهار والقنوات وأثار هذا التغير.
5- دراسة الانهيارات والانزلاقات الأرضية والصخرية ككوارث طبيعية ومواجهتها.
6- استخدامه في النواحي العسكرية والحروب.
7- دراسة التربة وأعماقها وصلاحيتها للإنتاج الزراعي.
8- دراسة السواحل البحرية والموانئ وأثرها في الملاحة, وعلاقة
التيارات البحرية بذلك.
9- استخدامه في عمل الخرائط الجيوموفورلوجية لتطبيقها في شتى المجالات.
10- استخدامه في دراسات البناء والطرق والسكك الحديدية.
11- تتبع تطور الأقاليم واستقرارها الجيومورفولوجيا
12- استغلال الصحاري والأراضي الجافة وشبه الجافة وتتبع العواصف الرملية فيها أثرها على نشاط الإنسان.