إن لتركيز الأملاح في المياه المزودة للمستهلكين أبعادا كثيرة ومتعددة المجالات, وبضمنها على جودة المياه الجوفية وعلى الزراعة.
إن مع معدل ملوحة مياه نهر الأردن لتي تصب في بحيرة طبريا هو 20 ملغرام كلوريد للتر الواحد, أما الملوحة العامة لمياه البحيرة هو 210 ملغرام كلوريد للتر. من هنا يُسال السؤال: من اين جائت هذه الملاح الاضافية؟؟ يتضح إذا إن على طول شاطئ طبريا وعلي امتداد قاع البحيرة يتواجد العديد من الينابيع المالحة, والتي يصل تركيز الأملاح فيها لآلاف المليغرامات للتر الواحد! من هنا, ومن اجل الحفاظ على جودة مياه البحيرة وعدم تلويثها بالأملاح حُفرت قنوات جانبية في الجانب الغربي من البحيرة في سنوات أل-60 من اجل تركيز هذه المياه المالحة في هذه القنوات وتجميعها خارج البحيرة ومن ثم صبها في الأردن الجنوبي! هذه ألقناه تسمى "המוביל המלוח"> يُذكر إن الينابيع المالحة مستمرة في التدفق وزيادة ملوحة ماء البحيرة!
أما بالنسبة لمصدر هذه الينابيع المالحة, فيسود الاعتقاد إن هذه المياه الملحة تجمعت في هذه المنطقة في العصور الجيولوجية الغابرة, عندنا غطت المنطقة مياه مالحة. هناك نظريتان وضعهما علماء المياه بشان طريقة تدفق الماء المالح من هذه الينابيع وهما:
1. حسب النظرية الأولى: إن ضغط الطبقات الصخرية المتواجدة على طول محيط البحيرة على مخزون المياه الجوفية المالحة والمتواجدة تحت البحيرة يؤدي إلى خروج هذه المياه من المياه الجوفية عن طريق الينابيع عندما يكون مستوى مياه بحيرة طبريا مرتفعا, فان الضغط المضاد لمياه البحيرة على هذه الينابيع يكون كبيرا فيقل تدفق المياه المالحة عبر هذه الينابيع. وعندما يكون مستوى هذه المياه منخفضا يقل ضغط المياه على هذه الينابيع فيزيد تدفق المياه المالحة منها.
2. حسب النظرية الثانية: تتدفق المياه الجوفية العذبة من جبال الجليل باتجاه بحيرة طبريا بتأثير قوة الجاذبية, وفي طريقها إلى هناك تختلط مع المياه المالحة المتواجدة في الخزانات الجوفية وتخرج معها عن طريق الينابيع المالحة. عندما يكون مستوى المياه الجوفية مرتفعا (في الشتاء الماطر) تتجمع مياه عذبة كثيرة في الخزان الجوفي فيزيد ضغطها فيزيد تدفق المياه المالحة عبر هذه الينابيع, وعندما يكون مستوى المياه الجوفية العذبة منخفضا يقل ضغط هذه المياه فيقل تدفق المياه المالحة إلى البحيرة. إن ما يميز هذه النظرية عن النظرية الأولى هو أن هذه النظرية لا تعطي أي أهمية لتأثير ضغط مياه البحيرة على الينابيع المالحة.
حتى سنوات أل-2000 تعامل الأخصائيون مع النظرية الأولى في تحديد سياسة ضخ مياه البحيرة أو بالأحرى تحديد سياسة الخط الأحمر. إذ أن الاعتقاد الذي كان سائدا ينص على عدم تخطي الخط الأحمر لبحيرة طبريا في أي حالة من الحالات, وذلك لان مستوى منخفض من مياه البحيرة يؤدي إلى زيادة تدفق المياه المالحة من الينابيع وبالتالي تتلوث البحيرة بالأملاح.
إن تبني النظرية الثانية يؤدي إلى تبني سياسة ضخ مختلفة وتنص على السماح بتخطي الخط الأحمر لان تدني مستوى المياه لا يؤثر على تدفق المياه المالحة إلى البحيرة. إضافة إلى ذلك, فانه بحسب النظرية الثانية يمكن خفض تدفق المياه المالحة إلى بحيرة طبريا عن طريق ضخ المياه الجوفية العذبة الموجودة في الخزان الجوفي للجليل الشرقي! إن ضخ هذه المياه في السنوات الماطرة من شانه أن يؤدي إلى خفض ضغط المياه العذبة على خزان المياه المالحة وبالتالي إلى عدم تدفقها إلى مياه البحيرة. في سنة 2000 سمحت إدارة البحيرة لشركة مكوروت للمرة الأولى تخطي الخط الأحمر السفلي بناءا على أبحاث دعمت النظرية الثانية.
هناك عامل آخر يؤثر على ملوحة البحيرة وهو ميزان الماء البحيرة. إن تبخر الماء من البحيرة يؤثر سلبا على جودة مياه البحيرة بحيث يعمل التبخير على زيادة ملوحة الماء, أما دخول مياه عذبة إلى البحيرة يؤدي إلى خفضها. في السنوات الشحيحة لا تدخل كمية مرتفعة من المياه العذبة إلى البحيرة الأمر الذي يؤدي إلى زيادة في نسبة الملوحة. في أعقاب سنوات القحط التي سادت البلاد بين السنوات 1999-2001 ارتفع تركيز الأملاح إلى 295 ملغم كلوريد للتر الواحد